مقالات تربوية

دليل المعلم

يهتم مخططو المناهج بأمر دليل المعلم بقدر اهتمامهم بتخطيط المنهج وتطويره، ويرجع ذلك إلى إدراك قيمته وأهميته بالنسبة للمعلم حينما يقوم بتنفيذ المنهج، بل ويرى المتخصصون في المناهج أن دليل المعلم يعد من مكونات المنهج أو عناصره،

وبالتالي فهو يستحق العناية سواء من ناحية الإعداد أو من ناحية الاستخدام، ويتفق المعلم الخبير بالمهنة مع المعلم حديث العهد بها في حاجة كل منهما إلى ما يسترشدان به في تنفذ المنهج وخاصة أنه من الملاحظ أن المعلمين حينما يطلب إليهم تنفذ المنهج لا يكون بين أيديهم إلا كتاب مدرسي أعد ليستخدم التلاميذ، وبالتالي فإن ما يرد به من مقدمة وقوائم المحتويات ومادة علمية ووسائل تعليمية وأسئلة أعدت أصلاً ليستخدمها التلاميذ في دراستهم للمادة الدراسية، وإذا كان المعلم يستخدم بعض ما جاء بالكتاب المدرسي يكون ذلك خارجاً عن حدود المألوف فضلاً عن أن هذا الاستخدام كثيرًا ما يكون قائماً على العفوية والارتجال، ومن ثم تزداد فرص وقوع المعلم في أخطاء غير مقصودة ربما يصعب تلافيها فيما بعد، ولعلنا نستطيع القول أن أهمية دليل المعلم ترجع إلى ما يلي:

أهمية دليل المعلم:
1- يقدم عرضاً شاملا لأهداف المنهج:
إذ أن الكتاب المدرسي لا يحتوى على تلك الأهداف إذ أنها ترتبط أساسا بعمل المعلم وما يبذله من جهد في سبيل تنفيذ المنهج، ومن ثم فإن دليل المعلم يعرض عادة الإطار الفكري الذي اشتقت منه أهداف المنهج، وهي أهداف تكون عادة على درجة من العمومية والتركيب، وبالتالي فهي في حاجة إلى معالجة تفصيلة بحيث يستطيع المعلم أن يرى بوضوح ما تشتمل عليه من مختلف جوانب التعلم التي يرجى اكتسابها من خلال دراسة المنهج، ويشمل هذا الجانب أيضًا دور المعلم في الاعتماد على تلك الأهداف واتخاذها كموجهات لمسار عمليه مع التلاميذ، فهو يجب أن يلجأ إليها ومحاولة تحليلها والتوصل من خلال ذلك إلى أهداف إجرائية لوحدات المنهج وموضوعاته ودروسه.

2- يبين العلاقة بين الأهداف ومحتوى المنهج:
فالمعلم لا يستطيع إدراك هذه العلاقة من خلال الاطلاع على مادة الكتاب المدرسي، بل وكثيراً ما يصعب عليه التوصل إلى صياغة مناسبة لأهداف دروسه اعتماداً على المحتوى، وبالتالي فإن ما يعرضه دليل المعلم لبيان العلاقة ومحتوى المنهج يساعد المعلم على فهم مغزى الأهداف وخاصة إذا نظر إليها في -مقابل محتوى الكتاب المدرسي، وبالتالي يكون أقدر على فهم أبعاد المنهج وما يرمي إليه من أهداف، وبالتالي يكون أقدر على اشتقاق أهداف مناسبة لدروسه.

3- يبين العلاقة بين الأهداف وطرق التدريس:
ذلك أن كل نوع من الأهداف يتطلب استخدام طريقة معينة، فإذا كان الهدف ينص على تزويد التلاميذ بقدر من المعارف عن شيء ما سنجد أن المعلم يستخدم الإلقاء، أما إذا كان الهدف ينص على تنمية ميل أو اتجاه معين سنجده يستخدم طرقا أخرى مثل المناقشة، وإذا كان ينص على اكتساب مهارة معينة سنجده يستخدم طرقا مغايرة مثل التدريب المجزأ والمجمع، لذلك نجد أن دليل المعلم يهتم عادة بالكشف عن العلاقة بين كل نوع من الأهداف وما يناسبها من طرق التدريس، هذا كما أنه يبين علاقة محتوى المادة الدراسية بهذه العملية أي أنه لا يتناول هذا الأمر بصورة جزئية، ولكنه يقدمها في إطارها المتكامل حتى يستطيع المعلم أن يدرك الصلة بين تلك العناصر..

4- يبين علاقة الأهداف بالوسائل التعليمية والأنشطة:
فكما يهتم دليل المعلم ببيان العلاقة بين الأهداف والمحتوى والطرق، يهتم أيضًا بمعالجة الوسائل التعليمية والأنشطة المدرسية التي يستطيع المعلم استخدامها في تنفيذ المنهج وتحقيق أهدافه، وتجدر الإشارة في هذا الشأن إلى أن دليل المعلم يوضح في هذا الشأن نوع كل وسيلة وإمكاناتها ومستواها ومضمونها وعلاقتها بمادة الدرس، وهو الأمر الذي يحتاجه المعلم وخاصة إذا كان متشككا في قيمة الوسائل التعليمية..

5- يبين العلاقة بين الأهداف وعملية التقويم:
ومن خلال ذلك يتبين المعلم أن ما حدد من أهداف للمنهج ليس أمراً شكليا، وإنما يحتاج إلى تقويم يمكن من خلاله التعرف على مدى نجاح المعلم في تنفيذ المنهج، وكذا مدى سلامته من الناحية العملية، كما يتبين المعلم أن ما يقدمه إلى تلاميذه من أسئلة أثناء التدريس أو في نهاية كل درس، وكذا كافة أساليب التقويم الأخرى تستهدف كلها التعرف على مدى نجاح الجهد المبذول في مساعدة التلاميذ على بلوغ الأهداف التي حددها الخبراء للمنهج. ولعل هذا كله يوضح للمعلم العلاقة بين مختلف عناصر المنهج وهو أمر لوحظ أن الكثير من المعلمين لا يدركونه بوضوح تام، وبالتالي ينظرون إلى الكتاب المدرسي باعتباره المنهج وأن تلقين مادته للتلاميذ هو الهدف الذي أعد من أجله، وهو أمر يعني في النهاية إغفال الكثير من الأهداف التربوية التي تخطط من أجلها المناهج الدراسية.

6- يقدم صورة شاملة ومتكاملة لأوجه التعلم التي يحتويها الكتاب المدرسي:
إذ أن معظم جهد المعلمين يتجه نحو حفظ التلاميذ لمحتويات الكتب المدرسية، بينما هناك أوجه تعلم أخرى في غاية الأهمية بعضها يدخل في إطار العمليات المعرفية وبعضها الآخر في الإطار الوجداني والجانب النفسي الحركي، ومن هنا فإن بيان الصورة الشاملة والمتكاملة لتلك الجوانب يجعل المعلم قادراً على إدراك الصورة الحقيقية لوظيفة المنهج، وأن المعارف التي تحتويها الكتب المدرسية ليست سوى وسيلة لتعلم التلاميذ جوانب تعلم غاية في الأهمية.

ولقد لوحظ أنه على الرغم من مظاهر أهمية دليل المعلم التي سبق ذكرها إلا أن هناك أنماطا مختلفة للأدلة،ت وهذا الأمر يتوقف على تصور خبراء المنهج لأهمية الدليل، ومع ذلك نستطيع أن نقرر أن دليل المعلم يجب أن يشتمل على النواحي الآتية:

مشتملات دليل المعلم:
أولاً- المقدمة –
وهي ليست مقدمة مثل مقدمات أي كتاب آخر إذ أنه تتضمن عادة معالجة تفصيلية للأسباب التي من أجلها أعد الدليل مع التأكيد على أهميته بالنسبة لعمل المعلم وخاصة المبتدئ، ويتضمن أيضًا معالجة عامة لكل ما يشمله الدليل وكيفية توظيف المعلم له، وذلك في أسلوب مباشر بحيث يشعر المعلم أن من أعدوا دليل المعلم يوجهون الحديث إليه شخصيا، مما يساعد على إقناع المعلم بأهمية الدليل والاعتماد عليه في مختلف مراحل العمل، وهناك بعض الأدلة التي تهتم بصفة خاصة بمخاطبة المعلمين غير المؤهلين، والذين التحقوا بمهنة التدريس دون أن يعدوا الإعداد المناسب لها، ومع ذلك فإننا نعتقد أن حاجة المعلم المتمرس والمعلم الذي أعد إعدادا تربويا لا تقل عن حاجة المعلمين غير المؤهلين لدليل المعلم، فهناك الكثير من التجارب والبحوث ومداخل التدريس التي يتثبت العمل الميداني صلاحيتها، وبالتالي فالحاجة إلى اطلاع المعلمين مهما كانت مستوياتهم وخبراتهم على نتائج تلك الجهود تطويرا للأداء أثناء التدريس، وبناء على ذلك فإن قراءة المعلم لمقدمة الدليل تعد أمرا هاما وربما ضمانا لحسن استفادته مما يعرضه من أفكار واتجاهات..

ثانيًا-أهداف المنهج:
تعرض أهداف المنهج عرضا تحليليا، وكذا المصادر التي اعتمد عليها في اشتقاقها، ويحاول من أعدوا دليل المعلم في هذا الشأن أن يوضحوا الصورة الكلية للأهداف، بمعنى إبراز العلاقة التكاملية بينها بحيث يرى المعلم أن الأهداف في جملتها تعبر عن الصورة المألوفة للتلاميذ بعد الانتهاء من تنفيذ المنهج، كما يؤكدون على أن تلك الأهداف هي أهداف تربوية تتسم بالعمومية والتجريد والتركيب، وبالتالي يصعب قياسها دفعة واحدة، ذلك أنه من الملاحظ أن هناك من المعلمين من يستخدم أهداف المنهج ويضعها على قمة دروسه اليومية لمجرد التدليل على أن خطط الدروس شاملة لكل الأركان التي يرى الخبراء الاهتمام بها، ويترتب على ذلك عادة أن تظل الأهداف على هذا النحو فتنقل من درس إلى آخر، دون أن يدرك المعلم وظيفتها أن مستواها أو كيف أنها تمثل مستوى من مستويات الأهداف..

ويتضمن هذا الجانب أيضًا تصنيفا للأهداف، فيتم عرض مختلف أنواع الأهداف مع توضيح العلاقة بينها حتى لا يتكون لدى المعلمين مدركات أساسها الفصل بينها، هذا كما تقدم للمعلم نماذج عديدة للأهداف الإجرائية التي يمكن اشتقاقها من الأهداف العامة للمنهج واسترشادا بمحتوى الكتاب المدرسي من المادة العلمية، ويشار في هذا الشأن عادة إلى أن تلك النماذج ليست سوى أمثلة قصد بها أن يعرف المعلم مصادر الأهداف الإجرائية وشروط صياغتها ووظائفها، وأن على المعلم أن يفكر دائما وأن يحدد أهدافا أخرى مناسبة لدروسه.

ثالثا- محتوى المنهج بشكل عام:
وفي هذا الجانب يعرض دليل المعلم فكرة عامة عن الموضوعات التي يتضمنها الكتاب المدرسي، وما تشمله من جوانب نظرية وعملية، مع بيان العلاقة بين الجانبين، وما يوجد بينهما من تكامل، مع التأكيد على عدم الفصل بينهما أثناء التدريس، وفي كثير من الأحيان في هذا الجانب بتوضيح العلاقات بين المادة التي يعنى بها دليل المعلم وغيرها من المواد الدراسية الأخرى التي يدرسها التلاميذ، وما يمكن استخدامه من أساليب في عملية التدريس مثل الربط أو الإدماج أو التكامل، وهذا يعني أن دليل المعلم يولي عناية خاصة بتكوين مفهوم وحدة المعرفة وتكاملها سواء لدى المعلمين أو التلاميذ، ذلك أن هذا الأمر لا يرتبط بعملية التدريس فقط، ولكنه يرتبط أيضًا بمحتويات المناهج وغيرها من العناصر الأخرى، هذا كما يهتم عادة في هذا الشأن بمسألتين في غاية الأهمية: المسألة الأولى وهي خاصة بأسلوب تنظيم المحتوى، أي المنطق الذي اعتمد عليه المؤلف أو المؤلفون في معالجة موضوعات الكتاب المدرسي، سواء كان معتمدا على منطق المادة العلمية أو معتمدا على الدراسة العلمية لسيكولوجية التلاميذ أو معتمدا على الاتجاهين معا، أما المسألة الثانية فهي خاصة بمستوى ذلك المحتوى الذي تم اختياره، ويقصد بذلك بيان الأسلوب الذي استخدم للتأكد من ملاءمة المادة المختارة لمستويات تلاميذ صف دراسي معين، سواء عن طريق التجريب المحدود أو الموسع، أو استطلاع آراء عينات من تلاميذ الصف التالي أو عينات من المعلمين والموجهين.

رابعًا- محتوى المنهج بشكل تفصيلي:
وفي هذا الجانب يتم تناول ما سبق عرضه عن محتوى المنهج بشكل عام إذ أن الهدف الأساسي من العرض العام هو إعطاء فكرة عامة عن الأسس أو المبادئ التي روعيت في اختيار المحتوى وتنظيمه وتحديد مستواه، أما الهدف الأساسي من عملية تنوله بشكل تفصيلي فهو توضيح البنية الداخلية للمنهج بكل ما يشمله من جوانب التعلم المختلفة، وهنا يقوم المسئولون عن إعداد الدليل عادة بإجراء عملية تحليل لمحتوى المنهج بأسلوب دقيق بحيث تستخرج كافة أوجه التعلم المتضمنة به، ثم تبدأ عملية التصنيف في جداول خاصة بحيث يستطيع المعلم أن يدرك الصورة الكلية للمنهج، وأن يرى العلاقات الطويلة والعرضية بينها، والأهم من ذلك كله هو أ، يعرف المعلم أنه لا يمكن الفصل في الموقف التعليمي الواحد بين جوانب التعلم، وخاصة أننا نعتقد أن هناك من المعلمين من يتصور أن أحد الدروس يمكن أن يخصص لتقديم معارف وآخر لتنمية مفاهيم أو تعميمات معينة، وكذلك دروس أخرى لتنمية اتجاهات أو مهارات أو غيرها من جوانب التعلم، وبالتالي فإن المقصود أساسا بعملية جدولة جوانب التعلم هو أن ينظر المعلم إلى أي موقف تعليمي باعتباره شاملا في ذاته، وأن الموقف الواحد قد يشمل العديد من جوانب التعلم وإن كانت لا تخضع كلها لعملية التقويم في نهاية الدروس، ومن الجدير بالملاحظة في هذا الشأن أن جوانب التعلم هذه والتي تحتويها الجداول تظهر بصورة مرتبطة بأهداف المنهج، ومن هنا يرى المعلم أن ما تم اختياره من محتويات المنهج لم يكن اختيارا عفويا أو ارتجاليا، وإنما جاء نتيجة دراسة متأنية وعميقة تم من خلالها التوصل إلى أهداف المنهج التي وجهت العمل من أجل اختيار المحتوى المناسب والذي يعبر عنها أصدق تعبير.

خامسًا- عرض بعض مداخل التدريس:
ويخصص هذا الجانب عادة لعرض التجارب والبحوث التي اهتمت باستخدام مداخل التدريس، كما قد تهتم بعض الأدلة بعض ما جاء بالكتب المتخصصة في هذا المجال، إذ أنه قد يتعذر على المعلمين اقتناء مثل تلك الكتب ومتابعة ما يكشف عنه مجال البحث التربوي وخاصة بالنسبة لعملية التدريس ومداخلها، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد ولكنه يمتد ليشمل أيضًا كيفية استخدامها والمواقف المناسبة لذلك، مع عرض نماذج أو خطط لاستخدامها، وتشمل تلك النماذج أو الخطط ما يمكن أن يشارك كل مدخل في تحقيقه من الأهداف ومميزاته ومحددات استخدامه وأوجه النقد التي قد توجه إلى كل منها، كما قد يشمل هذا الجانب أيضًا معالجة للعوامل التي يمكن أن تشجع المعلمين على استخدام تلك المداخل، وكذا العوامل التي تعد مسئولة عن عزوف المعلمين عن استخدامها.
ولعلنا نستطيع القول في هذا الشأن أن عرض مثل تلك المداخل وإن كان على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لعملية تطوير التدريس، ولكن ذلك لا ينبغي أن يجعلنا ننسى واقع العمل في الميدان، وخاصة من حيث إن المعلم حينما ينصرف عن استخدام مدخل معين في التدريس فلا يكون ذلك بسبب اقتناعه دائما بعدم جدوى أو قيمة ذلك المدخل، ولكنه يرجع أساسا إلى نوع الفكر التربوي السائد والذي يحكم كافة الممارسات التربوية بما فيها عملية التدريس بما تشمله من طرق أو أساليب… 

سادسًا: عرض بعض نماذج لخطط التدريس:
حينما يطلع المعلم على دليل المعلم سيدرك أن الكثير مما يقوم به من ممارسات يومية في عملية التدريس يحتاج إلى مراجعة، ولكنه قد لا يعرف السبيل إلى تطوير أدائه في التدريس، لذلك فإن دليل المعلم يعني في هذا الصدد بتقديم أكثر من نموذج لتخطيط الدروس، والهدف منها هو أن يرى المعلم بشكل إجرائي كيف تصاغ الأهداف السلوكية، وكيف تكون العلاقة واضحة بين أهداف الدرس ومحتوياته وطرقه ووسائله وأنشطته وأساليب تقويمه، وخاصة أنه لا يوجد دليل قاطع على أن المعلم يستطيع تصور ذلك بمجرد قراءة ما سبق ذكره من مشتملات الدليل، والمطلوب من المعلم في هذا الشأن أن يدرس خطط الدروس التي يحتويها الدليل بعناية كافية وأن يجتهد في وضع خطط أخرى يعكس فيها ما تعلمه منها وكذا خبراته السابقة ووجهات نظره الخاصة، إذ أنه ليس من المطلوب أن تكون دروس المعلم كلها على نسق واحد مشابه لما تضمنه دليل المعلم، فالقاعدة الأساسية هنا هي أننا لا نسعى ولا ينبغي أن يسعى أحد إلى وضع فكر المعلم في إطار جامد ثابت لا يقبل التغيير أو التطوير.

بل لابد أن يشجع دائما على التفكير والتجديد والابتكار والتجريب والمبادأة وهي كلها أمور تساعده على تطوير أدائه باستمرار أثناء ممارسته للمهنة، لذلك يلاحظ أن خطط الدروس التي يحتويها الدليل لا تسير على نمط واحد، ولكنها تكون في أشكال مختلفة تعكس تصورات مخططي المناهج في هذا الشأن، وليس بالضرورة أن يتبنى المعلم نمطا معينا ولكن من حقه -بل ومن واجبه- أن يتبنى أكثر من نمط واحد، ومن حقه أيضًا أن يجتهد ويقدم الجديد دائما وإن لم يرد فيها يقدمه دليل المعلم..

سابعا: عرض الوسائل التعليمية والأنشطة:
ويتم في هذا الجانب الربط بين ما سبق إجراؤه من تحليل لمحتوى المنهج وما يمكن استخدامه من الوسائل التعليمية والأنشطة، إذ أن عملية التدريس لا تقوم على المحتوى والطريقة فقط، ولكن المعلم باعتباره صاحب مهنة يستطيع أن يدرك بوضوح أن مختلف أنواع الوسائل التعليمية ومختلف ما يستخدمه من أنشطة أثناء التدريس هي من صميم المنهج وليست شيئا تكميليا أو هامشيا، لذلك فإن المعلم حينما يرى بوضوح العلاقة بين جوانب التعلم المختلفة والوسائل والأنشطة المقترحة فربما يساعده ذلك على تكوين اتجاه موجب نحو استخدامها بأسلوب فعال، هذا كما أن الدليل يهتم في هذا الشأن ببيان إمكانات كل وسيلة وكل نشاط مقترح وربما كيفية الحصول على الوسائل وكيفية تخطيط الأنشطة وتنفيذها وتقويمها، هذا فضلا عن توضيح للأخطاء التي قد يقع فيها المعلم أو التلاميذ عند استخدامها، والأنشطة التالية لذلك الاستخدام والتي قد تكون في شكل تصميم وسيلة معينة أو تخطيط لنشاط آخر، أو ما شابه ذلك، والأمر المهم في هذا الشأن هو أن ما يحتويه دليل المعلم من الوسائل التعليمية والأنشطة ليس أمرا نهائيا، بمعنى أن المعلم يجب أن يفكر في استخدام وسائل أخرى وأن يخطط لأنشطة أخرى بالاشتراك مع تلاميذه، إذ أن قيمة مثل هذا الشيء تكمن فيما تساعد على تحقيقه من الأهداف التي يصعب على المعلم والتلاميذ تحقيقها من خلال محتوى الكتاب المدرسي منفردا.

ثامنًا: عرض مصدر التعلم:
هناك العديد من مصادر التعلم التي يؤدي استخدامها إلى إثراء التدريس وجعله أكثر فعالية، ذلك أن الكتاب المدرسي هو أحد تلك المصادر وليس بالمصدر الوحيد، لذلك فإن دليل المعلم يشتمل عادة على بيانات ومعلومات وافية عن كافة مصادر التعلم التي يمكن توجيه التلاميذ إلى استخدامها ليس لمجرد الحصول على المزيد من المعارف، ولكن لاكتساب اتجاهات ومهارات عديدة خاصة بطرق البحث وأساليب الكتابة والمناقشة وغير ذلك من جوانب التعلم التي يرى المعلمون أن تعلمها على جانب كبير من التعقيد، وأنه يحتاج إلى جهود مضاعفة، هذا فضلا عن أنه لوحظ أن نسبة كبيرة من المعلمين لا تزال في حاجة إلى اكتساب الكثير من تلك الاتجاهات والمهارات، وبناء على ذلك فإن ما يمكن تأكيده في هذا المجال أن حاجة المعلم الدائمة للنمو العلمي والمهني تجعل أمر دراسة تلك المصادر واستخدامها في التدريس أمرا حتميا، وخاصة أن دليل المعلم يحتوي في هذا الشأن على تفصيلات ومعلومات وافية عن كل مصدر، فعلى سبيل المثال إذ اقترح المؤلفون أن يستخدم التلاميذ دوائر معارف معينة فنجد أنهم يقدمن قواعد استخدامها على نحو سليم، وكذلك بالنسبة للخرائط أو البرامج الإذاعية والتليفزيونية والأفلام والشرائح وغيرها من مصادر التعلم في البيئة المحلية..

تاسعًا: نماذج لأساليب التقويم:
يهتم دليل المعلم في هذا الشأن بعرض فكرة موجزة عن التقويم وأهميته بالنسبة للتعرف على مستويات التلاميذ وبالنسبة لتطوير التدريس وكذا بالنسبة لتقويم المنهج وتطويره لذلك يعني المؤلفون عادة بعرض لأساليب التقويم الرسمية وغير الرسمية التي سبق أن تعرضنا لها تفصيلا في فصل سابق مع تقديم نماذج منها يستطيع المعلم من خلالها أن يتبين علاقتها ببعض أهداف الدروس، هذا كما يهتمون ببيان مجالات استخدام كل منها ومميزاته وعيوبه، حتى يكون المعلم على بينة من أمر تلك الأساليب.

وبالتالي يستطيع الإفادة من مميزاتها وتلافي ما قد يوجد بها من عيوب أو سلبيات، وتجدر الإشارة في هذا الشأن إلى أن بعض الأدلة توضح للمعلم أن حصيلة عملية التقويم هذه يجب أن تضمن تقريرا نهائيا عن رأي المعلم في المنهج حينما كان في مجال التنفيذ، ذلك أن أفضل ما يمكن أن يحكم على المنهج هو المعلم الذي يسمى في كثير من الأحيان خبير الميدان، ولعلنا نلاحظ أن هذا المصطلح ليس غربيا أو مخالفاً للواقع إذ أن المعلم هو الذي يتفاعل مع التلاميذ كل يوم وهو الذي يرى مدى سلامة المنهج وملاءمته للتلاميذ، وبالتالي فإن أي محاولة لتطوير المنهج لابد أن تكون بدايتها من حيث انتهت إليه عملية التقويم التي قام بها المعلم خلال فصل دراسي أو عام دراسي كامل..

عاشرًا: نماذج للتدريس العقلي:
تعني بعض الأدلة بتقديم نماذج للتدريس العقلي، وهي عبارة عن حوار واقعي بين المعلم وتلاميذه في دروس معينة، وهي تبدأ عادة بسؤال، ويستمر الأمر بحيث يجيب أحد التلاميذ فيوجه المعلم سؤالاً آخر، وحينما تتباين الآراء يبدأ المعلم في التلخيص والعرض من جديد بحيث يدفع الجميع إلى التفكير والمناقشة المنظمة، ومن خلال ذلك يستطيع المعلم أن يتبين ما يستطيع مثل هذا الحوار أن يحققه من أهداف، وأن الإلقاء ليس هو الطريقة الوحيدة للتدريس، بل هناك طرق أخرى أكثر فعالية وتتيح للتلاميذ فرص المشاركة الإيجابية بحيث يكون لهم أدوارهم في العملية التعليمية.

أحد عشر: قراءات المعلم والتلاميذ:
ويعني في هذا الجانب بوضع قائمتين للكتب إحداهما للمعلم والأخرى للتلاميذ، ولقد لوحظ في هذا الشأن أن هناك من الأدلة ما يحتوي على قراءات في قائمة التلاميذ لا تناسبهم على الإطلاق وهذا يرجع غالباً إلى قلة المتاح من القراءات المناسبة لمستوياتهم وإن كان هذا لا يعد مبررا لوضع قراءات من هذا لنوع في تلك القائمة، والأمر الهام في هذا الشأن هو أنه لا بد من التأكد بالتجربة والدليل القاطع على أن ما حدد لتلاميذ مستوى دراسي معين يناسبهم فعلاً، بمعنى أنه يتفق مع حاجتهم وميولهم ويعالج مشكلات يشعرون بها حقيقة.
هذه هي المشتملات الأساسية التي يجب أن يشملها دليل المعلم في تدريس أي منهج دراسي، ومع ذلك فقد نجد أدلة تلتزم بتلك المشتملات وقد تضيف أدلة أخرى أمورا أخرى يرى المؤلفون أنها تمثل أهمية خاصة، كما قد تهتم بعض الأدلة الأخرى ببعض تلك المشتملات وهذا يرجع بطبيعة الحال إلى التصورات التي ينطلق منها المؤلفون، ولا شك أنه من الأفضل أن يتولى مؤلفو الكتاب المدرسي تأليف دليل المعلم إذ أنهم أكثر وعيا ودراية من غيرهم بمضمون المنهج وأبعاده والفكر الذي قام عليه، وهو الأمر الذي يفيد إلى حد بعيد في تقديم دليل للمعلم من نوع جيد..

بناء على ما سبق نعتقد أن هناك نقطة أخيرة في هذا المجال في غاية الأهمية وهي العلاقة بين الطلاب والمعلمين ودليل المعلم والعلاقة بين دليل المعلم وتدريب المعلم أثناء الخدمة، فالطالب المعلم، والمعلم الممارس للمهنة يحتاجان دائماً إلى دليل المعلم، فالأول لا تزال تنقصه الخبرة، ولا يزال في حاجة إلى المزيد من المتابعة والتوجيه بعد التخرج، لذلك فإننا نرى أنه أحوج ما يكون إلى دراسة دليل المعلم دراسة واعية ومحاولة الاستفادة من إمكاناته في تطوير أدائه في التدريس دائماً، أما بالنسبة لتدريب المعلم أثناء الخدمة فإن ما نقصده هو ا، ما يحدث من تطوير للمناهج يعقبه دائماً إعداد أدلة جديدة للمعلمين، مما يعني حاجتهم الماسة إلى دراسة المناهج الجديدة وأدلة المعلمين من خلال دورات تدريبية تعقد لهذا الغرض، ذلك أن ما يجري  من تطوير كافة عناصر المنهج بما في ذلك طرق التدريس، الأمر الذي يعني أن المعلم مهما كان متمرسا بالمهنة فهو في حاجة دائماً إلى الدراسة وتبادل الرأي مع ذوي الخبرة والمختصين في مجال المناهج وطرق التدريس، ولا ننسى في هذا الشأن أن نشير إلى أن ما ينطبق على المعلم ينطبق أيضًا على الموجه كقيادة تربوية مسئولة مسئولية مباشرة عن تطوير أداء المعلمين في التدريس سواء كانوا حديثي العهد بالمهنة أو يملكون خبرات طويلة من العمل في الميدان..

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. Hey I know this is off topic but I was wondering if
    you knew of any widgets I could add to my blog that automatically tweet my newest twitter updates.
    I’ve been looking for a plug-in like this for quite some time and was hoping maybe
    you would have some experience with something like this.

    Please let me know if you run into anything. I truly enjoy reading
    your blog and I look forward to your new updates.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: النسخ محمي . ادارة الموقع
إغلاق
إغلاق