مقالات تربوية

التربية الميدانية ماهيتها – أهدافها – أسسها

مقدمة: 
إن القيام بمهنة التدريس في حاجة إلى إعداد خاص قبل التعهد بها، وقد عني الكثير من الباحثين الآن بأمر التربية الميدانية باعتبارها جزءا مهما من برنامج الإعداد، وأصبحت قضاياها تشغل المهتمين بأمر الإصلاح التربوي في المؤسسات التعليمية. والجدير بالذكر أن برنامج إعداد المعلمين في الكليات والمعاهد، لم توضع كي يتعلم الطلاب كيف يدرسون فقط بقدر تركيزها على كيف يربون ثم كيف يعلمون. وقبل تحديد معنى التربية الميدانية، يجب إلقاء الضوء على المصطلحين اللذين تضمنهما وهما: التربية، والميدان الخاص بها. 

أولاً: مفهوم التربية: 
لن نقصد هنا تناول موضوع التربية تفصيليا، فقد عالج هذا المصطلح الكثير من الكتابات التربوية قديماً وحديثاً. والتربية لغويا تعني إصلاح الشيء وتقويمه وهي من ربي، يربي، ويقصد منها تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئا في ضوء تحديد الهدف وتبعا لاستعداده ومواهبه، أي أنها متدرجة ومستمرة وذات هدف أعلى في حياة الفرد وحياة الناس، وأنها لخير الناس.

وإذا كانت التربية ضرورية للفرد وللمجتمع فيمكن النظر إليها من زاويتين:
1- أنها عنصر من عناصر الثقافة وجزء من نتاج المجتمع، وبالتالي تتصف بصفات المجتمع الذي توجد فيه.
2- تعد وسيلة نقل التراث الثقافي وتفسيره وتنقيته والإضافة إليه وتعديله ولذا نقول دائماً إن التربية أداة مهمة من أدوات التغير الاجتماعي. 

التربية تاريخياً: لم تحاول أمة من الأمم أن تنهض إلى الرقي والكمال دون أن تضع التربية في المكانة الأولى من بين الوسائل التي تتخذها لرفع شأنها. وقد شغل هذا المصطلح العديد من المربين على مر التاريخ، وسنتناول بعض المفاهيم الخاصة بالتربية لهؤلاء المفكرين منذ القرن الخامس عشر: 
1- ملكستر (إنجليزي 1530 – 1611 م): التربية هي تنمية العقل والجسم. 
2- جون ملتون (إنجليزي 1608 – 1674 م) التربية الصحيحة الكاملة هي ما تؤهل المرء للقيام بأي عمل خاصاً كان أو عاماً بمهارة فائقة وإخلاص تام.
3- روسو (سويسري 1712 – 1778 م): التربية تزودنا بما لم يكن عندما وقت الميلاد ولكنا في حاجة إليه عند الكبر. 
4- كانت (ألماني 1724 – 1804): إن أعظم سر في بلوغ الطبيعة الإنسانية درجة الكمال ينحصر في التربية. 
5- بستالوزي (سويسري 1746 – 1827 م): إن أحسن خدمة يقدمها إنسان إلى إنسان آخر هي تعليمه كيف يعول نفسه، وأنه إذا أحسنت أحوال الفقراء الظاهرة حسنت أحوال الناس عموماً في مجتمع ما.
6- هاربارت (إنجليزي 1820 – 1903 م): إن الغرض الأساسي من التربية هو إعداد الفرد للحياة الكاملة. 
7- فروبل (ألماني 1782 – 1852 م): التربية هي ما سيساعد على الاقتراب من الإنسان المكتمل عقليا وجسديا وخلقيا. 
8- جيمس مِل (إنجليزي 1773 – 1836 م): التربية هي ما يؤهل المرء لأن يكون عاملاً من عوامل السعادة لنفسه أولاً، وللمجتمع ثانيًا.
9- جون ستوارت مِل (إنجليزي 1806 – 1873): التربية تشتمل على كل ما يفعله المرء لنفسه أو يفعله غيره له بهدف اكتمال جوانب نموه.

وغيرهم من المفكرين على المستوى العالمي أمثال ريتشرد لفنجستون أو أفلاطون أو هنري برجستون أو جيمس دوس… إلخ. وهناك شبه اتفاق طبقا لاتجاهات مجتمع كل منهم على أن التربية تهدف مباشرة إلى توجيه سلوك الفرد إما ذاتيا من تلقاء نفسه أو من خلال المجتمع المحيط به. وإن كانت هناك بعض العلامات المميزة لهؤلاء المربين مثل مَيْل بعضهم نحو الاهتمام بالجانب المادي أو ميل البعض الآخر نحو الجانب الروحي أو كلاهما فإن تفسير ذلك كما ذكرنا يخضع لاتجاهات كل مجتمع من هذه المجتمعات.

التربية عند المسلمين: يضمن القرآن الكريم النجاح والفلاح لأي أمة تسير على منهاجه وفي كثير من آياته ترى الحث على التربية والتعليم: يقول الله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ [سورة آل عمران / الآية: 79] وقد حرم الإسلام كل ما يضر بالفرد والمجتمع وحرص على الخير لهما. ولن نطيل في موضوع التربية عند المسلمين فقد تناولنا جزءا منه في الفصل الأول وهناك العشرات من المراجع تملأ المكتبات حول التربية الإسلامية، وما يهمنا أن الإسلام جاء لبناء مجتمع إنساني خير ولذا فقد اهتم بالأخلاق كثيرًا ولكي نحافظ على هذا المجتمع الإسلامي الفاضل لا بد من تكوين الإنسان المؤمن الخير المتزن نفسياً السليم جسديا. 

وإذا قرأت كتاب عمرو بن عتبة لمعلم ولده، ستلحظ إلى أي مدى كان الاهتمام بالتربية أكثر من التعليم، قال عمرو في كتابه للمعلم: « ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما صنعت والقبيح ما تركت، علمهم كتاب الله ولا تملهم فيتركوه، ولا تتركهم فيه فيهجروه، روهم من الحديث أشرفه ومن الشعر أعفه، ولا تنقلهم من علم إلى علم حتى يحكموه، فإن ازدحام الكلام في القلب مشغلة للفهم، وعلمهم سنن الحكماء، ولا تتكل على عذر مني لك فقد اتكلت على كفاية منك. في كتاب آخر من أمير المؤمنين الرشيد إلى معلم ولده، قال فيه: يا أحمد إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه وثمرة قلبه فصير يدك عليه مبسوطة، وطاعته لك واجبة، فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين. أقرئه القرآن، وعرفه الأخبار، وروه الشعر، وعلمه السنة، وبصره بمواقع القرآن وبدئه، وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، ولا تمرن بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة تفيده إياها من غير أن تخزنه، فتميت ذهنه ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، وقومه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباهما فعليك بالشدة والغلظة.

بعد التدقيق في الكتابين السابقين نستخلص ما يلي: 
1- تقدير المعلم وإحساسه بالمسئولية في التربية والتعليم. 
2- توضيح حق المتعلم وواجباته نحو المعلم.
3- تحديد محتوى التعليم وكان يمثل القرآن الكريم والحديث والشعر والمعلومات المختلفة.
4- تحديد الأهداف السلوكية وكانت ممثلة في أهداف معرفية للمحتوى السابق وأهداف انفعالية مثل: 
إسعاد المتعلم وإحياء ذهنه واتجاهات إيجابية نحو التعامل مع الآخرين (عدم الضحك إلا في الوقت المناسب) وأهداف مهارية مثل: مهارات قراءة القرآن واستغلال وقت الفراغ. 
5- توضيح أساليب التقويم مثل التقويم البنائي.
6- استراتيجيات تحفيزية للمتعلم مثل: اللين، والقرب من المتعلم.
7- القدوة الطيبة من المعلم: الحسن ما صنعت، والقبيح ما تركت.
8- أساليب للعقاب في بعض الحالات مثل: الشدة والغلظة.
9- حسن الكلام والاستماع مع المعلم.

ولم تأت هذه التوجيهات التربوية السليمة في ضوء نظريات تربوية معينة أو اتجاهات أو آراء وضيعة، بل كانت في ضوء ما تربى هؤلاء المسلمون من المنهج الثابت القويم. من القرآن الكريم والسنة الشريفة فقد جمع الله صافت هؤلاء المسلمين في قوله تعالى: ﴿ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [سورة آل عمران / الآية: 114]. وثمة شيء مهم آخر نستخلصه من أقوال المسلمين الأوائل وهو أن المرء لا يكون مربيا أو معلماً إلا إذا تهذبت نفسه وكملت أخلاقه، وسمت عواطفه، وتغلبت إرادته على شهواته، وأدى كل عضو من أعضائه ، وكل حس من حواسه، وكل قدرة من قدراته العقلية واتجاهاته ومهاراته وظيفته خير أداء فلن يكون المرء مربيا إلا إذا وجه عقله وجسده وعاطفته نحو إعداد طلابه للحياة الدنيا والآخرة في ضوء المنهج الإسلامي.

التربية والتعليم:
بعد توضيح المعنى اللغوي للتربية، وأقوال المربين عالميا حولها، ثم أقوال المسلمين الأوائل حول معنى التربية بقي أن يدرك الطالب المعلم أن هناك فرقاً بين مصطلحي التربية والتعليم، وليست التربية مرادفة للتعليم، فالتعليم جزء من التربية، ويقصد من التعليم إكساب الطلاب بعض جوانب التعلم سواء كانت معرفية أو مهارية أو انفعالية. أما التربية فهي أشمل وأعم، فهي إعداد كامل للحياة والآخرة. وإذا ظن الطالب المعلم أن التربية الميدانية تنحصر في كيفية التدريب على مهارات التدريس بعيداً عن أخلاقيات المهنة والإعداد الحقيقي للحياة العملية داخل المؤسسات التعليمية، فقد ينمي هذا الطالب المعلم بعض المهارات التدريسية لديه ولكن سيظل في حاجة ماسة إلى بعض الصفات الأهم والتي تنقص من قدرة كثيرًا كمرب أو كمعلم، هذه هي التربية ويبقى ميدانها المقصود هنا في هذا الكتاب.

ميدان التربية: 
 تناولنا مفهوم التربية، ويبقى مفهوم الميدان الذي تتم فيه هذه التربية ويتمثل في المؤسسات التعليمية مثل الكليات أو المعاهد أو المدارس. ونظرا لأن أحد شروط البدء في التربية الميدانية هو الانتهاء من مقررات الإعداد الخاصة بالكليات أو المعاهد، ولذا سيتم تناول أماكن معامل التربية الميدانية، وهي المدارس.

المدارس: 
المدرسة باعتبارها مؤسسة اجتماعية تهدف بالدرجة الأولى إلى تكوين الإنسان الاجتماعي القادر على التعامل مع الآخرين من المجتمع من أجل خدمة هذا المجتمع ولسنا بصدد استعراض نشأة المدارس وكيف تطورت التربية من الأسرة إلى القبائل إلى شبه المدارس ثم المدارس أو بالاهتمام بالقراءة والكتابة ثم الرموز ثم العلوم المختلفة ولكن طالما نهدف أولاً وأخيراً إلى بناء إنسان يعمل لدنياه وآخرته في الوقت نفسه، أي إعداده للحياة العامة وللآخرة في ضوء الإسلام الذي يحتم على كل من يعمل في هذا الميدان أن يتعدى حدود عمليتي التعليم والتعلم، وأن يتعدى حدود التلقين والتحفيظ، وأن يتعدى حدود الديكتاتورية في إرسال واستقبال المعلومات والتوجيه والإرشاد، وأن يتعدى حدود الروتين والجمود الإداري وأن يتعدى هذا الميدان حدود تقييد الفكر والبحث والاستقصاء، يجب أن يتعدى هذا الميدان أيضًا رفع شعارات « إن تذاكر تنجح »، « ومن طلب العلا سهر الليالي » منذ متى كان النجاح في الحياة الدنيا والفوز بالآخرة مرتبطا بتذكر المعلومات؟ منذ متى كان الرقي والعلو مرتبطا بسهر الليالي التي جعلها الله لنا لباساً؟ منذ متى كانت اليقظية المرتبطة بسهر الليالي والمذاكرة الشفهية مرتبطة بالنجاح؟ قد توجد هذه الشعارات في المدارس التي تضع بذور التبعية في نفوس أبنائنا وتجعلهم يتعودون على الأخذ فقط دون العطاء حتى إذا كبروا لا يستطيعون تقديم الجديد والمبتكر.

قد توجد هذه الشعارات في المدارس التي جعلت من التربية والتعليم عقابا للمتعلمين على عدم تبعيتهم وحفظهم وحشو عقولهم بالمعارف دون توظيفها لمصلحة الفرد والجماعة. قد توجد هذه الشعارات في المدارس التي تضم هذا المعلم الأشد انقطاعا عن طلابه، لأنه بينهم بجسمه وليس بقلبه وروحه، صلته بهم مقصورة على الدرس الذي يلقيه، بحكم الضرورة، لا بدافع من الرغبة الصادقة في خير هؤلاء المتعلمين. قد توجد هذه الشعارات في المدارس التي تضم معلمين نسوا منهج الله بشموله وكماله. فأنساهم الله أنفسهم، وأصبحوا كالآلات يعملون بهدف العيش والارتزاق فقط، بالرغم من علمهم اليقين أن منهج الله هو الضمان الوحيد لإعداد أبنائنا لحياتهم وآخرتهم كما سبق الإشارة لذلك تفصيليا في الفصل السابق. وحتى نكون أكثر واقعية وتطبيقا لنأخذ مدارس التعليم الابتدائي كنموذج وباعتبار أنها المرحلة الأولى التي تقوم على تربية أبناء الأمة تربية يتم بموجبها إعداد الفرد إعدادا صالحاً متكاملاً علمياً وعمليًا، جسمياً وعقلياً، خلقياً واجتماعياً بحيث يكون هذا الإعداد خيراً له في دنياه وآخرته، وعونا له على التمسك بمنهج الله، ويمكن تحديد ما يمكن أن نقوم به في هذه المرحلة على النحو التالي:
1- بناء مناهج حول موضوعات دينية وخلقية واجتماعية وصحية وزراعية واقتصادية وترويحية هادفة ذات صلة مباشرة بحياة التلميذ ومجتمعه في ضوء الشريعة الإسلامية من نظم وتعاليم سليمة. 
2- بناء مناهج تساير اتجاهات التربية الإسلامية، ولا تقتصر على التعلم المجرد والسلبية والتبعية من جانب التلميذ.
3- إعداد التلاميذ عمليا لمواجهة الحياة خاصة لمن تنتهي دراستهم بهذه المرحلة. كذلك يمكن: 
– تبصير معلمي هذه المرحلة بأساليب ووسائل الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية. 
– التركيز على الجانب الآخر للعلم وهو البحث والاستقصاء والتنقيب أكثر من التركيز على المعرفة.
– ربط المواد المختلفة منهج الله أي يمكن أن نربط موضوعات المقررات المختلفة بموضوع واحد يهدف إلى نمو الأخلاق الفاضلة لدى التلاميذ.
– الاستخدام الجيد للأنشطة والوسائل التعليمية مثل الإذاعة المدرسية أو الصور والملصقات والرسومات… إلخ في خدمة نفس الهدف السابق.

ماهية التربية الميدانية: 
قبل تناول أهداف التربية الميدانية في ضوء الأهداف التربوية عامة ثم أهداف الميدان كما سبقت الإشارة إليه ينبغي تحديد مفهوم التربية الميدانية، وقد تعددت المسميات حول مفهوم التربية الميدانية، فالبعض أشار إليها بالتمرين العملي أو التربية العملية أو التدريب على التدريس أو التربية العملية الميدانية أو التربية الميدانية فقط  وبالرغم من تعدد المسميات هكذا، إلا أن الهدف من وراء هذه المصطلحات واحد وقد وجدنا أن الالتزام بمفهوم التربية الميدانية هو الأفضل باعتباره الأعم والأشمل في ضوء ما سبق تناوله من تحديد لمفهومي التربية وميدانها وشمولها لمهام الطالب المعلم في الميدان التربوي من أداءات ومهارات، وتخطيط للدروس وتنفيذها وتنويعها، وعلاقات اجتماعية وتفاعلات صفية، ونقد وتقويم وقيادة تربوية ومواجهة مشكلات والتزام بقواعد إدارية وخلقية، واتجاهات وقيم متعلقة بمهنة التدريس. وأكبر من عملية التدريس نفسها. أما قضية التمرين أو التدريب أو التطبيق العملي فهذا يتم في معامل التربية الميدانية وهي الفصول الدراسية، وهذا جزء من التربية العملية الشاملة. وحتى يكتمل تعريف التربية الميدانية يضاف إلى المهام السابقة عملية الإشراف والتوجيه من قبل أستاذ متخصص بالكلية والمعلم المتعاون والمدير بالمدرسة إذن حصر تعريف التربية الميدانية على ذلك البرنامج الخاص بمقرر معين بهدف التدريب على عملية التدريس هو تعريف قاصر، ويمكن تعريف مفهوم التربية الميدانية بمعنيين عام وخاص.

المعنى العام للتربية الميدانية: 
هو كل ما يؤثر في تكوين شخصية الطالب المعلم التربوية وإكسابه أخلاقيات المهنة من بداية البرنامج حتى نهايته، ويتضمن جميع العناصر التي تؤثر في شخصيته سواء كانت مقصودة من المشرف التربوي أو قسم التربية الميدانية أو مدير المدرسة أو المعلم المتعاون أم غير مقصودة كالتربية التي يتلقاها الطالب المعلم عرضا ومن تأثير الميدان الطبيعي والاجتماعي وغير ذلك من عناصر مرتبطة بالميدان. 

المعنى الخاص للتربية الميدانية: 
هو كل الوسائل والطرق والأنشطة والاستراتيجيات التي يتخذها المشرف والمعلم المتعاون بقصد إكساب الطالب المعلم الجوانب المعرفية والمهارية والانفعالية الخاصة بعملية التدريس.

أهداف التربية الميدانية: 
في ضوء تعريف التربية الميدانية وتحديد ميدان التربية والكتابات التي تناولت برامج التربية الميدانية يمكن تصنيف أهداف التربية الميدانية في ثلاثة جوانب أساسية هي أهداف معرفية وأهداف مهارية وأهداف انفعالية وسيتم تناول كل جانب على حدة على النحو التالي: 

أولاً: الأهداف المعرفية: وتتضمن الأهداف التالية: 
1- اكتساب الطلاب المعلمين الجوانب المعرفية لأبعاد عملية التدريس وأوجه الأنشطة الصفية واللاصفية التي يستطيع ممارستها عمليا مع تلاميذه فيما بعد. 
2- التعرف على خصائص وميول واتجاهات طلاب المرحلة التعليمية التي سيعمل بها في ضوء الدراسات النظرية التي أتمها بالكلية. 
3- اكتساب معلومات حول طبيعة البيئة المدرسية وقواعد العمل بها والمشكلات المتوقع حدوثها وكيفية التعامل معها.
4- اكتساب الطلاب المعلمين معلومات حول الإدارة الصفية الناجحة والإدارة المدرسية من واقع الميدان.
5- التعرف على أدوار المعلم ومدير المدرسة والفنيين والعاملين ومسئوليات كل منهم في مدارس التطبيق. 
6- التعرف على محتوى التعلم المقرر على تلاميذ المرحلة التي سيعمل بها فيما بعد، للإلمام بالموضوعات المقررة والتمكن فيها عن طريق الاطلاع والبحث والتنقيب. 
7- التعرف على الوسائل التعليمية والأدوات والأجهزة وغيرها، والمتوفرة بالمدارس ومدى إمكانية إنتاج وسائل في ورشة المدرسة. 
8- اكتساب معلومات حول تسجيل الطلاب في كشوف خاصة، وأخذ الغياب والتعامل مع السجلات المدرسية وكتابة الشهادة الدراسية.
9- اكتساب معلومات حول الجدول المدرسي وتوزيع الحصص، وتوزيع موضوعات المقرر على مدار الفصل الدراسي. 
10- معرفة حقوق المعلم وواجباته، وحدود العلاقة بين المعلم وتلاميذه والمعلم ومدير المدرسة وزملائه والعاملين بالمدرسة.
11- التعرف على طرق وأساليب التدريس السائدة في المدارس والعمل على تجديدها وتطويرها، ومدى ملاءمتها لقدراته واستعداده لتنفيذها. 

ثانيًا: الأهداف المهارية: وتتضمن المهارات التالية: 
أ- مهارات عقلية مثل: 
– تنمية مهارة الملاحظة الدقيقة لدى الطلاب المعلمين لما يتم ملاحظته. 
– تنمية مهارة التمييز بين المواقف والتفاعلات الصفية.
– تنمية مهارات التدريس لدى الطلاب المعلمين مثل:
1- مهارة التحضير الذهني للدروس اليومية.
2- مهارة تحليل المحتوى المتعلم.
3- مهارة صياغة الأهداف السلوكية. 
4- مهارة التخطيط لتنفيذ الدروس وتقويمه.
5- مهارة تحديد الطرق والوسائل والأنشطة المناسبة لموضوع الدرس.
6- مهارات تحديد وسائل وأساليب التقويم المناسبة وتنفيذها.
7- مهارات طرح الأسئلة.
8- مهارة التعزيز.
9- مهارات الإدارة الصفية.
10- مهارات التنظيم والتحكم والتنبؤ داخل البيئة الصفية. 
11- مهارة الانتباه واليقظة أثناء تنفيذ التدريس.

ب- مهارات حركية مثل:
1- مهارات استخدام السبورة الطباشيرية (الكتابة بخط واضح وفي خطوط مستقيمة واستخدم الألوان والأدوات الخاصة بالسبورة والاستخدام الصحيح للمساحة… إلخ). 
2- مهارات استخدام الوسائل التعليمية المتاحة بالمدرسة سواء كانت أدوات أو أجهزة تعليمية مختلفة.
3- مهارات تناول الأشياء والأدوات بطرق صحيحة لكي يتمكن التلميذ من اكتساب هذه المهارات.
4- مهارات اعتدال الحركة والصوت وتنوعهما داخل البيئة الصفية وتبعا لطبيعة الدرس والأنشطة المتضمنة فيه. 
5- مهارات حسن الحديث والاستماع داخل الفصول.
6- مهارات التعامل مع سجلات المدرسة وكشوف التلاميذ وملفاتهم وشهاداتهم وحفظها في سجلات خاصة. 

جـ- مهارات اجتماعية: وتتضمن مهارات التعاون والمشاركة الاجتماعية والالتزام واحترام النظام، ومساعدة الآخرين، والتعامل مع الآخرين… إلخ.

ثالثًا: الأهداف الانفعالية: وتتضمن: 
1- تنمية الاتجاهات الإيجابية نحو مهنة التدريس.
2- تدعيم الشعور الانتماء لمهنة التدريس.
3- تنمية أخلاقيات مهنة التدريس كما ورد بالفصل الأول.
4- الاهتمام بالسلوك العام والمظهر الخارجي للطلاب المعلمين. 
5- تقبل النقد والتوصيات من الآخرين ذوي الخبرة مثل المشرف ومدير المدرسة. إلخ.
6- الحماس والنشاط داخل البيئة المدرسية. 
7- التعاون مع الآخرين.
8- الاحترام المتبادل في العلاقات الاجتماعية داخل المدرسة.
9- احترام التسلسل الوظيفي والإداري لقواعد المهنة. 
10- تكوين الاتجاهات العملية لدى الطلاب المعلمين مثل: 
أ- الدقة: في كل ما يقوله الطالب المعلم ويفعله، مثل التحضير أو المحافظة على أوقات الدوام، .. إلخ.
ب- حب الاستطلاع: لتوليد الرغبة لديه في المزيد من المعرفة حتى يصبح شغوفا بالبحث والاستقصاء  والاطلاع في شتى المجالات. 
جـ- الموضوعية: من خلال بعده عن الذاتية في أدائه وتفكيره ورغباته الخاصة ويتعامل مع الواقع التربوي  الذي يعيشه.
د- التروي في إصدار الحكم أو إبداء الرأي حول موضوع ما إلا بعد الدراسة الجيدة لهذا الموضوع. 
هـ- المرونة مثل عدم التمسك برأي معين يعارض الآراء الأخرى أو يعارض توجيهات المشرف أو مدير  المدرسة.
و- التواضع وعدم التكبير على التلاميذ أو العاملين بالمدرسة.
11- تكوين الاتجاهات الدينية لدى الطلاب المعلمين عن طريق :
1- تدريب الطلاب المعلمين على السمع والطاعة والامتثال للتوجيهات والإرشادات التي توجه إليهم من المشرف الفني أو مدير المدرسة، ما لم يكن في ذلك مخالفة لشريعة الله، فإن كان في ذلك مخالفة لشريعة الله فلا سمع ولا طاعة « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق » كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: « السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ».
2- الالتزام بأخلاقيات مهنة التدريس كما ورد بالفصل الأول من هذا الكتاب.
3- الالتزام بسمات المعلم الناجح في ضوء أخلاقيات الإسلام كما ورد في الفصل الأول من هذا الكتاب.
4- حث الطلاب المعلمين على إقامة الحق بين التلاميذ، مع تطبيق أحكام الله على جميع التلاميذ وعدم محاباة أحد، أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: « لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ».
5- حث الطلاب المعلمين على إخلاص النية دائماً في القول والفعل مثل: 
أ- السمت الإسلامي للطالب المعلم، أي يكون مظهره إسلاميا وتتفق أقواله وسلوكياته مع روح الإسلام ومبادئه، مثل قص الأظافر، واللبس النظيف والتطيب وعدم السفور والتبرج للطالبة المعلمة، والوجه الطلق عند مواجهة الطلاب، وإلقاء تحية الإسلام، ومصافحة من يقابلهم خارج الفصول « ما من مسلمين يلتقيان فيصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا » يبدأ حديثه دائماً بالبسملة والحمد لله والصلاة على رسول الله (عليه الصلاة والسلام) والمحافظة على الفروض وأدائها مع الطلاب بمسجد الكلية. 
ب- ربط المقرر الدراسية بالمنهج الإسلامي عن طريق استخدام الموضوعات لتثبيت العقيدة، حتى تسري روح الإيمان في مادة تخصصه، وربط محتوى الموضوعات المقررة بحياة المسلم في الواقع المحيط بالتلاميذ، وقد يتطلب ذلك من الطالب المعلم الاطلاع في الأمور الدينية، ومناقشة موضوعات المقرر مع زملائه معلمي المواد الدينية وأساتذته بكليته.
6- مساعدة الطلاب المعلمين على حسن اختيار نقاط الناقشة مع التلاميذ والمبنية على أسس العقيدة الصحيحة، ومعنى الإسلام وكيف أنه منهج كامل للحياة وتسليم مطلق لأوامر الله، عبادة، ومعاملة واجتماع وثقافة واقتصاد وعلوم.
7- مناقشة الطلاب المعلمين للأمراض الاجتماعية المنتشرة في البيئة المدرسية والمجتمع ونقدها وتكوين اتجاهات إيجابية لديهم نحو محاربتها مثل الفسق والنفاق والحسد… إلخ.
8- تبصير الطلاب المعلمين بضرورة ربط أخلاقيات الإسلام بموضوعات المقرر لأنه عندما يتم من غير معلمي التربية الإسلامية قد يكون له درجة إقناع لدى الطلاب باعتبار أن الإسلام والعمل به والدعوة إليه ليس خاصاً بطائفة بعينها كما أنه من المحتمل أن معلم الدين يقوم بهذه الدعوة تأدية لوظيفته؟ وتخصصه فقط، أما إذا تحدث مدرس العلوم أو اللغة أو التربية الرياضية مثلاً عن أخلاق الإسلام وربطها بمحتوى المقرر، سيقتنع الطالب بأن هذا الأمر مهم طالما يتحدث فيه المعلم وهو غير ملزم بذلك، فيبدأ الطالب بالاهتمام والإصغاء له، هذا من جانب، ومن جانب آخر يجب أن يدرك كل معلم أن ذلك إلزام من الله -سبحانه وتعالى- للتمسك بأخلاقيات الإسلام والدعوة إليه في كل قول وفعل وفي كل التخصصات.
9- أوجه التقدير، من خلال بث روح التذوق لأخلاقيات المهنة وتقدير العاملين بها وتوضيح دورهم لكي يشعر الطالب المعلم بمدى المسئولية وأمانة الرسالة التي كلف بها مقدرا بذلك جهود من سبقوه. 

اعتبارات أساسية لنجاح برنامج التربية الميدانية:
لنجاح برنامج التربية الميدانية يجب أن نضع في الاعتبار ما يلي: 
1- سرعة الانتهاء من إجراءات التسجيل المبكر للطلاب في برنامج التربية الميدانية من الإجراءات الإدارية الخاصة بتحديد عدد المدارس وعدد المشرفين، والتأكد من إنهاء الطلاب للمقررات السابقة لبرنامج التربية الميدانية وجمع استمارات التسجيل وتبويبها… إلخ. 

ويمكن أن تكون استمارة التسجيل المبكر للطلاب على النحو التالي:

استمارة التسجيل المبكر للطلاب
بسم الله الرحمن الرحيم 
استمارة التسجيل المبكر للتربية الميدانية
اسم الطالب/ …………………..
عنوان المنزل/ ………………….
أرغب في التطبيق في المدارس التالية:
أ- 
ب- 
جـ- 
د- 
رأي قسم التربية الميدانية: 
يتوقع أن ينتهي الطالب السابق ذكره آنفاً من المقررات السابقة لبرنامج التربية الميدانية في نهاية هذا العام الدراسي (الفصل الدراسي)، ولا مانع من تسجيله مبدئياً بالبرنامج. وسيحاول القسم قدر الإمكان تحقيق رغبتكم للتطبيق في أحد المدارس السابقة.
قسم التربية الميدانية

2- التعاون التام بين كليات الإعداد والإدارات التعليمية حول عدد الطلاب المعلمين وعدد المدارس ونصاب كل مدرسة من الطلاب المعلمين ومدى تحقيق رغبات الطلاب المعلمين في توجيههم إلى المدارس التي يرغبونها.
3- وضوح أهداف التربية الميدانية في المجالات الثلاثة السابق ذكرها (المعرفية – المهارية – الانفعالية) لكل من الطالب والمشرف الفني ومدير المدرسة والمعلم  المتعاون.
4- التركيز على مفهوم التربية الميدانية وليس التدريب العملي، أثناء عمليات التخطيط والتنفيذ والتقويم للبرنامج.
5- تحديد مسئوليات وأدوار منسوبي قسم التربية الميدانية سواء كانوا إداريين أو مشرفين.
6- إعلام الطلاب المعلمين بالأحكام العامة بالبرنامج عن طريق قسم التربية الميدانية مثل: 
أ- حرمان الطالب المعلم من إتمام البرنامج إذا غاب بدون عذر عن أربع حصص دراسية خلال الفصل الدراسي  أو (ثمان حصص على مدار العام الدراسي في بعض الكليات).
ب- خروجه عن اللوائح المنظمة للبرنامج وقواعد العمل بالمؤسسات التعليمية.
جـ- عدم تكدس الطلاب المعلمين في إحدى المدارس مما يؤدي إلى عدم اكتساب الخبرات المطلوبة أو تحقيق الأهداف المحددة. 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: النسخ محمي . ادارة الموقع
إغلاق
إغلاق